الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب **
وَالْأَبْتَرِ مِنْ الْحَيَّاتِ بِدُونِ اسْتِئْذَانٍ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ اُقْتُلْ وَأَبْتَرَ حَيَّةٍ وَمَا بَعْدَ إيذَانٍ تُرَى , أَوْ بِفَدْفَدِ (وَذَا) أَيْ صَاحِبَ (الطُّفْيَتَيْنِ) , وَهُوَ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ خَطٌّ أَسْوَدُ , وَهُوَ حَيَّةٌ خَبِيثَةٌ , وَالطُّفْيَةُ خُوصَةُ الْمُقْلِ فِي الْأَصْلِ وَجَمْعُهَا طُفَى شَبَّهَ الْخَطَّيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ بِخُوصَتَيْنِ مِنْ خُوصِ الْمُقْلِ . قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: الطُّفْيَةُ حَيَّةٌ لَيِّنَةٌ خَبِيثَةٌ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَعَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " اُقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ , وَالْأَبْتَرَ , فَإِنَّهُمَا يُسْقِطَانِ الْحُبْلَى وَيَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ " قَالَ النَّوَوِيُّ: الطُّفْيَتَانِ الْخَطَّانِ الْأَبْيَضَانِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ , فَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّاظِمُ: (اُقْتُلْ) أَيْ اُقْتُلْ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ , فَذَا مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالطُّفْيَتَيْنِ مُضَافٌ إلَيْهِ (و) اُقْتُلْ (أَبْتَرَ) , وَهُوَ (حَيَّةٌ) غَلِيظَةُ الذَّنْبِ كَأَنَّهُ قُطِعَ ذَنْبُهُ . وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْأَبْتَرُ قَصِيرُ الذَّنْبِ , وَقَالَ النَّضِرُ بْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْحَيَّاتِ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنْبِ لَا تَنْظُرُ إلَيْهِ حَامِلٌ إلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا غَالِبًا . وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: نَرَى ذَلِكَ مِنْ سُمِّهَا فَهَاتَانِ الْحَيَّتَانِ يُقْتَلَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ (وَمَا بَعْدَ إيذَانِ) لِحَيَّاتِ الْبُيُوتِ اُقْتُلْ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْإِيذَانِ (تُرَى) أَيْ تَظْهَرُ ; لِأَنَّك قَدْ فَعَلْت مَا طُلِبَ مِنْك , وَهُوَ الْإِيذَانُ (أَوْ) كَانَتْ الْحَيَّةُ (بِفَدْفَدِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفَدْفَدُ الْفَلَاةُ , وَالْمَكَانُ الصُّلْبُ الْغَلِيظُ , وَالْمُرْتَفِعُ , وَالْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ , وَالْمُرَادُ إذَا كَانَتْ الْحَيَّةُ تَظْهَرُ لَك فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ مِنْ الصَّحْرَاءِ فَاقْتُلْهَا بِلَا إيذَانٍ لَك مِنْهَا . قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَاَلَّتِي فِي الصَّحْرَاءِ يَعْنِي مِنْ الْحَيَّاتِ يَجُوزُ قَتْلُهَا بِدُونِ إنْذَارِهَا . قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْكُلِّ مِنْ الْحَيَّاتِ , وَالْأَوْلَى هُوَ الْإِنْذَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعَدَمِ قَتْلِهِ وَمَا فِيهِ إضْرَارٌ وَنَفْعٌ كَبَاشِقٍ وَكَلْبٍ وَفَهْدٍ لِاقْتِصَادِ التَّصَيُّدِ (وَمَا) أَيْ حَيَوَانٌ أَوْ طَيْرٌ (فِيهِ إضْرَارٌ) مِنْ وَجْهٍ (و) فِيهِ (نَفْعٌ) مِنْ وَجْهٍ (كَبَاشَقٍ) وَصَقْرٍ وَبَازِيٍّ وَشَاهِينَ , وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَمْلُوكًا , فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالتَّرْكِ , فَأَمَّا مَضَرَّةُ مَا ذُكِرَ فَاصْطِيَادُهُ لِطُيُورِ النَّاسِ , وَأَمَّا مَنْفَعَتُهُ فَكَوْنُهُ يَصْطَادُ لِلنَّاسِ . وَإِنَّمَا خَصَّ النَّاظِمُ الْبَاشَقَ مِنْ بَيْنِ كَوَاسِرِ الطَّيْرِ تَنْبِيهًا مِنْهُ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى مِنْ بَابِ أَوْلَى , وَمِنْ ثَمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ كَافَ التَّشْبِيهِ فَكُلُّ مَا وُجِدَ فِيهِ نَفْعٌ مِنْ وَجْهٍ , وَهُوَ الِاصْطِيَادُ بِهِ فِي نَحْوِ الْبَاشَقِ وَضَرَرٌ , وَهُوَ كَوْنُهُ يَصْطَادُ طُيُورَ النَّاسِ صَدَقَ عَلَيْهِ النَّظْمُ وَعَمَّهُ الْحُكْمُ . , وَالْبَاشَقُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ , وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْآخِذِ , وَهُوَ حَارُّ الْمِزَاجِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْقَلَقُ والزعارة يَأْنَسُ وَقْتًا وَيَسْتَوْحِشُ وَقْتًا , وَهُوَ قَوِيُّ النَّفَسِ , فَإِذَا أُنِسَ مِنْهُ الصَّغِيرُ بَلَّغَ صَاحِبَهُ مِنْ صَيْدِهِ الْمُرَادَ ; لِأَنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمَلِ ظَرِيفُ الشَّمَائِلِ يَلِيقُ بِالْمُلُوكِ ; لِأَنَّهُ يَصِيدُ أَفْخَرَ مَا يَصِيدُهُ البازي , وَهُوَ الدَّرَّاجُ , وَالْحَمَامُ , وَالْوَرَشَانُ . وَأَحْمَدُ أَوْصَافِهِ أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا فِي الْمَنْظَرِ ثَقِيلًا فِي الْمِيزَانِ طَوِيلَ السَّاقَيْنِ قَصِيرَ الْفَخِذَيْنِ . وَأَمَّا الْبَازِي فَأَفْصَحُ لُغَاتِهِ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ , وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ بَازٍ بِلَا يَاءٍ وَالثَّالِثَةُ بازي بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ حَكَاهُ ابْنُ سيده , وَهُوَ مُذَكَّرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ .
وَبَيَانُ مَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مِنْ الْكِلَابِ وَمَا لَا يَجُوزُ (و) ك (كَلْبٍ) هُوَ حَيَوَانٌ شَدِيدُ الرِّيَاضَةِ كَثِيرُ الْوَفَاءِ , وَهُوَ لَا سَبُعٌ وَلَا بَهِيمَةٌ حَتَّى كَأَنَّهُ مِنْ الْخَلْقِ الْمُرَكَّبِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ لَهُ طِبَاعُ السَّبْعِيَّةِ مَا أَلِفَ النَّاسَ , وَلَوْ تَمَّ لَهُ طِبَاعُ الْبَهِيمِيَّةِ مَا أَكَلَ لَحْمَ الْحَيَوَانِ . نَعَمْ فِي الْحَدِيثِ إطْلَاقُ الْبَهِيمَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ": بَيْنَمَا امْرَأَةٌ تَمْشِي بِفَلَاةٍ اشْتَدَّ عَلَيْهَا الْعَطَشُ فَنَزَلَتْ بِئْرًا فَشَرِبَتْ , ثُمَّ صعدت , فَوَجَدَتْ كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ , فَقَالَتْ لَقَدْ بَلَغَ بِهَذَا الْكَلْبِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي , ثُمَّ نَزَلَتْ فَمَلَأَتْ خُفَّهَا فَأَمْسَكَتْهُ بِفِيهَا , ثُمَّ صعدت فَسَقَتْهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهَا ذَلِكَ وَغَفَرَ لَهَا " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: " نَعَمْ فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّاءَ رَطْبَةٍ أَجْرٌ " . وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلْبَ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَسْوَدَ بَهِيمًا , أَوْ لَا . الْأَوَّلُ يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ . وَالثَّانِي: إمَّا أَنْ يَكُونَ عَقُورًا , أَوْ لَا , الْأَوَّلُ يَجِبُ قَتْلُهُ , وَلَوْ كَانَ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ , وَالْعَقُورُ معلمين , وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا قَرِيبًا . وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا , أَوْ لَا . الْأَوَّلُ لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ , وَكَذَا الثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ , وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا . قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَقِيلَ يُكْرَهُ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ , وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ انْتَهَى . وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَهْلِيِّ والسلوقي نِسْبَةً إلَى سَلُوقَ مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ تُنْسَبُ إلَيْهَا الْكِلَابُ السلوقية وَكِلَا النَّوْعَيْنِ فِي الطَّبْعِ سَوَاءٌ . حُكْمُ اقْتِنَاءِ الْكِلَابِ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يَجُوزُ اقْتِنَاءُ كَلْبٍ كَبِيرٍ لِصَيْدٍ يَعِيشُ بِهِ , أَوْ لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ يَرُوحُ مَعَهَا إلَى الْمَرْعَى وَيَتْبَعُهَا , أَوْ لِحِفْظِ زَرْعٍ وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ . وَقِيلَ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِحِفْظِ الْبُيُوتِ , وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ . وَفِي الرِّعَايَةِ قِيلَ وَبُسْتَانٍ , فَإِنْ اقْتَنَى كَلْبَ الصَّيْدِ مَنْ لَا يَصِيدُ احْتَمَلَ الْجَوَازَ , وَالْمَنْعَ , وَهَكَذَا الِاحْتِمَالَانِ فِيمَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لِيَحْفَظَ بِهِ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً إنْ حَصَلَتْ , أَوْ يَصِيدَ بِهِ إنْ احْتَاجَ . وَيَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجَرْوِ الصَّغِيرِ لِأَجْلِ الثَّلَاثَةِ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ , وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ , وَفِي الرِّعَايَةِ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ اقْتِنَاءُ جَرْوٍ صَغِيرٍ حَيْثُ يُقْتَنَى الْكَبِيرُ وَأَمَّا اقْتِنَاءُ الْكِلَابِ لِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَا فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ اتَّخَذَ كَلْبًا إلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ , أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ " , وَفِي رِوَايَةٍ قِيرَاطَانِ وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحِ . فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ , أَوْ مَاشِيَةٍ , فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ عَمَلِهِ وَحَمَلَ ذَلِكَ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْكِلَابِ بَعْضُهَا أَشَدُّ أَذًى مِنْ بَعْضٍ , أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا , أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَتَكُونُ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدَائِنِ وَنَحْوِهَا , وَالْقِيرَاطُ فِي الْبَوَادِي أَوْ يَكُونُ فِي زَمَنَيْنِ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَ أَوَّلًا , ثُمَّ زَادَ فِي التَّغْلِيظِ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَيْنِ , وَالْمُرَادُ بِالْقِيرَاطِ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ عَمَلِهِ . وَاخْتُلِفَ فِي نِسْبَةِ هَذَا الْقِيرَاطِ لِمَاذَا يَكُونُ؟ فَقِيلَ: لِمَا مَضَى مِنْ عَمَلِهِ , وَقِيلَ مِنْ مُسْتَقْبَلِهِ , وَقِيلَ: قِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ اللَّيْلِ وَقِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ النَّهَارِ وَقِيلَ: قِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ الْفَرْضِ وَقِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ النَّفْلِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي رِسَالَةٍ حَرَّرْنَا فِيهَا الْكَلَامَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فَلَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ قِيرَاطٌ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهِ قِيرَاطَانِ , وَأَنَّ الْمُرَادَ نِسْبَةُ ذَلِكَ لِمَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ الْمُصِيبَةِ مِنْ أَجْرِ الْمُصِيبَةِ وَلَوَاحِقِهَا عَلَى أَكْمَلِ حَالٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ مُصِيبَتِهِمْ شَيْءٌ , وَأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَصْبِرُوا , بَلْ جَزِعُوا وتسخطوا حَتَّى حَصَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ وِزْرٌ يَكُونُ لِهَذَا الْمُصَلِّي , وَالْمُتَّبِعِ الْجِنَازَةَ قِيرَاطٌ , أَوْ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرِ تِلْكَ الْمُصِيبَةِ وَلَوَاحِقِهَا أَنْ لَوْ وُجِدَ عَلَى أَتَمِّ حَالٍ . وَأَمَّا فِي مَقَتَنِي الْكَلْبِ الَّذِي اعْتَمَدْنَاهُ فِيهَا تَبَعًا لِلْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ , وَالْإِمَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي فَنُونِهِ وَابْنِ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ أَنَّ الْقِيرَاطَ , أَوْ الْقِيرَاطَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَمَلِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ , وَالْكَلِمِ الطَّيِّبِ دِينَارًا فَبِاقْتِنَائِهِ هَذَا الْكَلْبَ يَنْقُصُ مِنْ ذَلِكَ الدِّينَارِ قِيرَاطَانِ عَلَى أَتَمِّ وُجُوهِ الْعَمَلِ , أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَمَلِ نَفْسِهِ وَيَكُونُ عِظَمُ الْقِيرَاطِ وَنَقْصُهُ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
(فَوَائِدُ): الْأُولَى: أَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ الْكَلْبَ نُوحٌ عليه السلام قَالَ: يَا رَبِّ أَمَرْتَنِي أَنْ أَصْنَعَ الْفُلْكَ وَأَنَا فِي صِنَاعَتِهِ أَصْنَعُ أَيَّامًا , فَيَجِيئُونَنِي بِاللَّيْلِ فَيُفْسِدُونَ كُلَّ مَا عَمِلْت فَمَتَى يَتِمُّ لِي مَا أَمَرْتَنِي بِهِ قَدْ طَالَ عَلَيَّ أَمْرِي فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ يَا نُوحُ اتَّخِذْ كَلْبًا يَحْرُسْك فَاتَّخَذَ نُوحٌ كَلْبًا , وَكَانَ يَعْمَلُ بِالنَّهَارِ , وَيَنَامُ بِاللَّيْلِ , فَإِذَا جَاءَ قَوْمُهُ لِيُفْسِدُوا بِاللَّيْلِ نَبَحَهُمْ الْكَلْبُ فَيَنْتَبِهُ نُوحٌ عليه السلام فَيَأْخُذُ الْهِرَاوَةَ فَيَثِبُ لَهُمْ فَيَهْرُبُونَ مِنْهُ فَالْتَأَمَ لَهُ مَا أَرَادَ .
الثَّانِيَةُ ثَبَتَ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ . فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ " وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ريدة رضي الله عنه قَالَ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا حَبَسَك؟ فَقَالَ: إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ . قَالَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ فِي سَبَبِ امْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ صُورَةٌ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً فَاحِشَةً , وَفِيهَا مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللَّهِ , وَبَعْضُهَا فِي صُورَةِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ , وَأَمَّا سَبَبُ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ كَلْبٌ فَكَثْرَةُ أَكْلِهِ النَّجَاسَاتِ , وَكَوْنُ بَعْضِ الْكِلَابِ يُسَمَّى شَيْطَانًا كَمَا جَاءَ فِي الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ , وَالْمَلَائِكَةُ ضِدُّ الشَّيَاطِينِ وَلِقُبْحِ رَائِحَةِ الْكَلْبِ , وَالْمَلَائِكَةُ تَكْرَهُ الرَّائِحَةَ الْقَبِيحَةَ الْخَبِيثَةَ , وَلِأَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنْ اتِّخَاذِهَا فَعُوقِبَ مُتَّخِذُهَا بِحِرْمَانِ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ بَيْتَهُ وَصَلَاتِهَا فِيهِ وَاسْتِغْفَارِهَا لَهُ وتبركها عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ وَدَفْعِهَا أَذَى الشَّيَاطِينِ , وَالْمُرَادُ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ مَلَائِكَةٌ يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّبَرُّكِ وَالِاسْتِغْفَارِ فَهُمْ مَلَائِكَةُ الْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ . وَأَمَّا الْحَفَظَةُ , وَالْمُوَكَّلُونَ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ فَيَدْخُلُونَ كُلَّ بَيْتٍ وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَمَ فِي حَالٍ ; لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالِهِمْ وَكِتَابَتِهَا . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: , وَإِنَّمَا لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ مِمَّا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ مِنْ الْكِلَابِ وَالصُّوَرِ , فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ , وَالْمَاشِيَةِ وَالصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي البساطة , وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهِ وَأَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى نَحْوِ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ , وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ كَلْبٍ وَصُورَةٍ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَم .
(الثَّالِثَةُ) ذَكَرَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ عَنْ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ وَرَاءِ النَّهَرِ مَعَهُ أَحَادِيثُ ثُلَاثِيَّةٌ فَرَحَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه إلَيْهِ فَوَجَدَ شَيْخًا يُطْعِمُ كَلْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عليه السلام , ثُمَّ اشْتَغَلَ الشَّيْخُ بِإِطْعَامِ الْكَلْبِ , فَوَجَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ إذْ أَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى الْكَلْبِ وَلَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِ , فَلَمَّا فَرَغَ الشَّيْخُ مِنْ طُعْمَةِ الْكَلْبِ الْتَفَتَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ , وَقَالَ لَهُ كَأَنَّك وَجَدْت فِي نَفْسِك إذْ أَقْبَلْت عَلَى الْكَلْبِ وَلَمْ أُقْبِلْ عَلَيْك؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ قَطَعَ رَجَاءَ مَنْ ارْتَجَاهُ قَطَعَ اللَّهُ مِنْهُ رَجَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ يَلِجْ الْجَنَّةَ " , وَأَرْضُنَا هَذِهِ لَيْسَتْ بِأَرْضِ كِلَابٍ , وَقَدْ قَصَدَنِي هَذَا الْكَلْبُ فَخِفْت أَنْ أَقْطَعَ رَجَاءَهُ فَقَالَ الْإِمَامُ هَذَا الْحَدِيثُ يَكْفِينِي , ثُمَّ رَجَعَ .
(و) (كَفَهْدِ) وَاحِدُ الْفُهُودِ وَفَهِدَ الرَّجُلُ أَشْبَهَ الْفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ وَتَمَدُّدِهِ . وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ قَالَتْ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إنْ دَخَلَ فَهْدٌ , وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ وَلَا يَرْفَعُ الْيَوْمَ لِغَدٍ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَيْ نَامَ وَغَفَلَ كَالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهِ يُقَالُ أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ , وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ , وَالْغَفْلَةِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ . وَقَوْلُهَا , وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ تَمْدَحُهُ بِالشَّجَاعَةِ أَيْ صَارَ كَالْأَسَدِ يُقَالُ أَسِدَ الرَّجُلُ وَاسْتَأْسَدَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ . وَقَوْلُهَا عَمَّا عَهِدَ أَيْ رَأَى فِي الْبَيْتِ وَعَرَفَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَعَايِبِ الْبَيْتِ وَمَا فِيهِ فَكَأَنَّهُ سَاءَ عَنْ ذَلِكَ . قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَصَفَتْهُ بِأَنَّهُ فِي اللِّينِ وَالدَّعَةِ , وَالْغَفْلَةِ عِنْدَهَا كَالْفَهْدِ , وَإِذَا خَرَجَ كَانَ كَالْأَسَدِ فِي شَجَاعَتِهِ , وَلَمْ تُرِدْ النَّوْمَ كَمَا قَالَ شَارِحُ الْعِرَاقِيِّينَ . قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ هَذَا فِي وَصْفِ عَلِيٍّ وَذَمِّ مَنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ ": إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الذَّوَّاقَ الْمِطْلَاقَ الَّذِي أَرَاهُ لَا يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَيَسْأَلُ عَمَّا فَقَدَ , وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِهِ كَالْأَسَدِ , وَكَانَ خَارِجًا كَالثَّعْلَبِ لَكِنْ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةِ يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا فَقَدَ , وَهُوَ عِنْدَهَا كَالثَّعْلَبِ وَخَارِجًا كَالْأَسَدِ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ فَهْدٍ هُنَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ جَعَلَتْ كَثْرَةَ تَغَافُلِهِ كَالنَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا سِيَّمَا , وَقَدْ وُصِفَ الْفَهْدُ بِالْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الشَّرَهِ وَهَذِهِ كُلُّهَا خُلُقُ مَدْحٍ , وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو عُبَيْدٍ . قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: وَزَعَمَ أَرِسْطُو أَنَّ الْفَهْدَ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ أَسَدٍ وَنَمِرٍ وَمِزَاجُهُ مِثْلُ النَّمِرِ , وَفِي طَبْعِهِ مُشَابَهَةٌ بِالْكَلْبِ فِي أَدَوَاتِهِ وَذَاتِهِ وَيُقَالُ: إنَّ الْفَهْدَةَ إذَا أَثْقَلَتْ بِالْحَمْلِ حَنَّ عَلَيْهَا كُلُّ ذَكَرٍ يَرَاهَا مِنْ الْفُهُودِ وَيُوَاسِيهَا مِنْ صَيْدِهِ , فَإِذَا أَرَادَتْ الْوِلَادَةَ هَرَبَتْ إلَى مَوْضِعٍ قَدْ أَعَدَّتْهُ لِذَلِكَ وَيُوصَفُ الْفَهْدُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَكَثْرَةِ الْغَضَبِ , فَإِذَا وَثَبَ عَلَى فَرِيسَةٍ لَا يَتَنَفَّسُ حَتَّى يَنَالَهَا فَيَحْمَى لِذَلِكَ وَتَمْتَلِئُ رِئَتُهُ مِنْ الْهَوَاءِ الَّذِي حَبَسَهُ , فَإِذَا أَخْطَأَ صَيْدَهُ رَجَعَ مُغْضَبًا وَرُبَّمَا قَتَلَ سَائِسَهُ . وَمِنْ طَبْعِهِ الْإِسَاءَةُ إلَى مَنْ يُحْسِنُ إلَيْهِ . وَكِبَارُ الْفُهُودِ أَقْبَلُ لِلتَّأْدِيبِ مِنْ صِغَارِهَا . وَأَوَّلُ مَنْ صَادَ بِالْفَهْدِ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ وَأَوَّلُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخَيْلِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ . وَأَكْثَرُ مَنْ اُشْتُهِرَ بِاللَّعِبِ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ . وَحُكْمُهُ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ ; لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ كَالْأَسَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) يَجُوزُ بَيْعُ سِبَاعِ بَهَائِمِ وَجَوَارِحِ طَيْرٍ يَصْلُحَانِ لِصَيْدٍ إذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً , أَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَكِنْ تَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَوَلَدِهِ وَفَرْخِهِ وَبِيضِهِ لِاسْتِفْرَاخِهِ لَا بَيْعُ كَلْبٍ , وَلَوْ مُبَاحَ الِاقْتِنَاءِ , وَمَنْ قَتَلَهُ , وَهُوَ مُعَلَّمٌ أَسَاءَ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْكَلْبَ لَا يُمْلَكُ , وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَ نَحْوَ الْبَاشَقِ , وَالْبَازِي , وَالْفَهْدِ , فَإِنَّهُ يَغْرَمَ قِيمَتَهُ لِإِبَاحَةِ اقْتِنَائِهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ , أَوْ ضَرُورَةٍ , وَأَمَّا الْكَلْبُ فَلَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ . وَالْقَاعِدَةُ حِلُّ بَيْعِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَخَرَجَ بِقَيْدِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَصْلًا كَالْحَشَرَاتِ وَبِمُبَاحَةٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ , وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِلْحَاجَةِ كَالْكَلْبِ , وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ , وَالْخَمْرِ لِدَفْعِ مَا غَصَّ بِهِ .
|